ومن المعلوم أن هذه الأذكار المحدثة على الكيفية الموجودة الآن ليست من المسائل المختلف فيها فيعذر أصحابها، وكان المطلوب من الدعاة أن يتجنَّبوا كل شيء يخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هذا مما يتحتَّم، وأن يكون باطنهم مثل ظاهرهم؛ كما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فلا يخفى علينا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "البر حسن الخلق، والإِثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطَّلع عليه الناس"، رواه مسلم (¬1)، والحديث الآخر: "استفت قلبك، البر ما اطمأنَّت إليه النفس واطمأنَّ إليه القلب، والإِثم ما حاك في النفس وتردَّد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك" (¬2).
وأما أن يكون للشخص عملان: أحدهما ظاهر يدعو الناس إليه، والآخر باطن يخفيه عن الناس؛ فهذا لا يتَّفق مع حال المؤمن، وأعاذنا الله جميعاً من حال أهل النفاق الذين قال الله فيهم: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ولا يَسْتَخْفُونَ مِنَ
¬__________
(¬1) رواه: الإِمام أحمد، ومسلم، والترمذي، والدارمي؛ من حديث النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي.
(¬2) رواه: الإِمام أحمد، والدارمي؛ من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، وروى الإِمام أحمد أيضاً نحوه من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه.