وكما ثبت في الصحيحين عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبله، فأتى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ... } الآية (1)، فقال الرجل: إليّ هذا؟ فقال: بل لجميع أمتي فهذا كان في المدينة، والرجل قد ذكره الترمذي وغيره أنه أبو اليسر.
التنبيه الأول: اختلف علماء الأصول: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب (2).
فذهب الجمهور إلى الأول، وقد نزلت آيات في أسباب واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آيات الظهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في شأن هلال بن أمية وحدّ القذف في رماة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ثم تعدى إلى غيرهم وقد تقدّم بسط الكلام في ذلك وذهب البعض إلى أن العبرة بخصوص السبب ومعنى هذا أن لفظ الآية يكون مقصورا على الحادثة التي نزل هو لأجلها أمّا أشباهها فلا يعلم حكمها من نصّ الآية، إنما يعلم بدليل مستأنف آخر، وهو القياس إذا استوفي شروطه أو نصّ كقوله صلّى الله عليه وسلم: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة" فآية القذف السابقة النازلة بسبب حادثة هلال مع زوجته خاصة بهذه الحادثة وحدها "على هذا الرأي".
أمّا حكم غيرها مما يشابهها، فإنما يعرف قياسا عليها أو عملا بالحديث المذكور.
الثاني: إن هذا الخلاف القائم بين الجمهور وغيرهم، محلّه إذا لم
____________
(1) سورة هود: الآية (114).
(2) انظر مورد الظمآن في علوم القرآن تأليف صابر حسن أبو سليمان ص 37 وما بعدها.