والقراءات التي تواترت عندنا عن عثمان وعن ابن مسعود وأبيّ وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم لم يكن بينهم فيها إلّا الخلاف اليسير المحفوظ بين القرّاء، ثم إن الصحابة رضي الله عنهم لما كتبوا تلك المصاحف جرّدوها من النقط والشكل ليحتمله ما لم يكن في العرضة الأخيرة مما صح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم وإنما أخلوا المصاحف من النقط والشكل لتكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين والمسموعين المتلوّين شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المعقولين المفهومين فإن الصحابة رضوان الله عليهم تلقوا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما أمره الله تعالى بتبليغه إليهم من القرآن ولفظه ومعناه جميعا ولم يكونوا ليسقطوا شيئا من القرآن الثابت عنه صلّى الله عليه وسلم ولا ليمنعوا من القراءة به (2).
____________
(1) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة.
(2) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة.