وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنزلت.
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: خرج النبيّ صلّى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر، فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا، ثم بكى فقال: إن القبر الذي جلست عنده قبر أمّي، وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي، فأنزلت عليّ: ما كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكينَ (1) فجمع بين هذه الأحاديث بتعدد النزول.
ومن أمثلته أيضا: ما أخرجه البيهقي والبزّار عن أبي هريرة: "أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثّل به فقال: لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك، فنزل جبريل والنبيّ صلّى الله عليه وسلم واقف بخواتيم سورة النحل وإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ... (2)، الآيات إلى آخر السورة.
وأخرج الترمذي والحاكم عن أبيّ بن كعب قال: لمّا كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون ومن المهاجرين ستة منهم: حمزة فمثّلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنرينّ عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله: وإِنْ عاقَبْتُمْ .. الآية فظاهره تأخير نزولها إلى الفتح، وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد.
____________
(1) سورة التوبة: الآية (113).
(2) سورة النحل: الآيات (126، 127، 128).