والثاني: ما اختلف لفظه ومعناه نحو: (قال ربّ، وقل ربّ، ولنبوئنهم، ولنثوينهم، وما يخدعون، وما يخادعون، ويكذبون بالتخفيف، ويكذبون بالتشديد، واتخذوا، واتخذوا بكسر الخاء وفتحها، وكذبوا وكذّبوا بالتخفيف والتشديد، ولتزول ولتزول بكسر اللام ونصب الثانية وهي قراءة الجمهور، وبفتح اللام الأولى ورفع الثانية وهي قراءة علي بن حمزة المشهور بالكسائي)، وبقي ما اتحد لفظه ومعناه مما يتنوّع صفة النطق به كالمدّات وتخفيف الهمزات والإظهار والإدغام، والروم والإشمام وترقيق القراءات وتفخيم اللّامات ونحو ذلك مما يعبّر عنه القرّاء بالأصول فهذا عندنا ليس من الاختلاف الذي يتنوّع فيه اللفظ أو المعنى لأن هذه الصفات المتنوّعة في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا وهو الذي أشار إليه أبو عمرو بن الحاجب بقوله: "والسبعة متواترة فيما ليس من قبيل الأداء" كالمدّ والإمالة وتخفيف الهمز ونحوه، وهو وإن أصاب في تفرقته بين الخلافين في ذلك كما ذكرناه فهو واهم في تفرقته بين الحالتين نقله وقطعه بتواتر الاختلاف اللفظي دون الأدائي بل هما في نقلهما واحد وإذا ثبت تواتر ذلك كان تواتر هذا من باب أولى إذ اللفظ لا يقوم إلّا به أو لا يصح إلّا بوجوده وقد نص على تواتر ذلك كله أئمة الأصول كالقاضي أبي بكر بن الطيّب الباقلّاني في كتابه- الانتصار- وغيره ولا نعلم أحدا تقدّم ابن الحاجب إلى ذلك (2)، والله أعلى وأعلم.
نعم هذا النوع من الاختلاف هو دخل في الأحرف السبعة لا أنه واحد منها.
____________
(1) انظر النشر في القراءات العشر للحافظ ابن الجزري ج 1 ص 29، 30، 31.
(2) نفس المصدر السابق ونفس الصفحات.