ثانيا: ما تقدم أنه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل، فقد يقبل إذا صح المسند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك.
كثيرا ما يذكر المفسّرون لنزول الآية أسبابا متعدّدة، وطريق الاعتماد في ذلك أن ينظر إلى العبارة الواقعة، فإن عبر أحدهم بقوله نزلت في كذا والآخر نزلت في كذا وذكر أمرا آخر فقد تقدم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما ... وإن عبّر واحد بقوله نزلت في كذا وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد، وذاك استنباط مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن عمر، قال: أنزلت: {نِساؤُكمْ حَرْثٌ لَكمْ} (2)، في إتيان النساء في أدبارهن.
وتقدم عن جابر التصريح بذكر سبب خلافه، فالمعتمد من حديث جابر لأنه نقل، وقول ابن عمر استنباط منه، وقد وهمه فيه ابن عباس وذكر مثل حديث جابر كما أخرجه أبو داود والحاكم (3).
وإن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره، فإن كان إسناد أحدهما صحيحا دون الآخر فالصحيح المعتمد.
مثاله: ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب: "اشتكى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلّا قد
____________
(1) سورة النساء: الآية (125).
(2) سورة البقرة: الآية (223).
(3) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة.