وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال وهذا محل البحث غير أننا لا نريد أن نستعرض جميع الآيات التي جاءت على أسباب، فذلك شيء بعيد المدى إنما الغرض أن نحيطك علما بما يمكن إحاطته من أسباب النزول.
زعم بعض الناس أنه لا فائدة للإلمام بأسباب النزول وأنها لا تعدو أن تكون تاريخا للنزول أو جارية مجرى التاريخ وقد أخطأ فيما زعم، فإن لأسباب النزول فوائد متعدّدة (1).
الفائدة الأولى: معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
الثانية: تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
الثالثة: أن يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته، فإن دخول صورة السبب قطعيّ وإخراجها بالاجتهاد ممنوع، كما حكى الإجماع عليه القاضي أبو بكر في التقريب، ولا التفات إلى من شذّ فجوّز ذلك.
الرابعة: الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال. قال الواحدي: لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قويّ في فهم معاني القرآن (2).
وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. وقد أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله
____________
(1) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة.
(2) انظر الإتقان للسيوطي ج 1 ص 38 وما بعدها، وانظر مورد الظمآن في علوم القرآن تأليف صابر حسن محمد أبو سليمان ص 30 وما بعدها.